قرر مجلس الوزراء الإماراتي إدراج فرد وخمسة كيانات إرهابية ضمن القائمة المحلية المعتمدة، المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب، وذلك في خطوة تتسق مع المساعي الإماراتية المستمرة منذ سنوات لتجفيف وملاحقة منابع تمويل الإرهاب والتصدي لها بحزم.
وبموجب القوانين الإماراتية، فإن إجراءات تجميد الحسابات والتعاملات مع المدرجين على قوائم الإرهاب المحلية، تجري في أقل من 24 ساعة، وتتولى الجهات الرقابية القيام بالحصر واتخاذ الإجراءات اللازمة، حسب القوانين الإماراتية، بينما صدر القرار تجاه الشركات والأفراد؛ لارتباطهم بدعم ميليشيا الحوثي الإرهابية التي تستخدم هذه الأموال من أجل استهداف المنشآت المدنية والمدنيين.
وشملت القائمة عبده عبدالله دائل أحمد، بالإضافة إلى شركات “العالمية إكسبرس للصرافة والتحويلات المالية”، وشركة “الحظاء للصرافة”، و”معاذ عبدالله دائل للاستيراد والتصدير”، و”الناقلة ثري /9109550 IMO/ 5.”، و”بيريدوت للتجارة والشحن ذ م م”.
جهود دولية
القرار جزء من جهد دولي وإقليمي، يهدف إلى منع استخدام أدوات التجارة الدولية والإقليمية كوسيلة لدعم الإرهاب والعمليات الإجرامية، حسب مدير مركز دبي للسياسات محمد بهارون، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن القرار الإماراتي جاء باعتباره جزءاً أيضاً من جهود الدولة المستمرة لتحديث إجراءاتها لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
لم يتفاجأ الكاتب والمحلل الإماراتي عبدالعزيز المعمري، بالقرار، حسب تعليقه لـ”كيوبوست”، الذي يؤكد من خلاله أن الخطوة الإماراتية متسقة مع الطبيعة الحاسمة وعدم التساهل المعروفة عن أبوظبي في التعامل مع مَن يدعم الكيانات الإرهابية، مشيراً إلى أن مثل هذه القرارات يساعد بشكل فعال على الحد من السلوك الإرهابي؛ ليس فقط للحوثيين ولكن أيضاً لكل الجماعات التي تنتهج الأفكار المتطرفة وتسعى لنشرها.
وأضاف المعمري أن الوصول إلى مرحلة التسامح والتعايش من دون إقصاء والقضاء على الفكر الإرهابي المتطرف يتطلب التصدي للأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية في المنطقة؛ وعلى رأسها جماعة الحوثي ومَن يدعمها، لافتاً إلى أن مثل هذه القرارات يكون مؤثراً بشكل حقيقي في تمويل العمليات الإرهابية.
يشير المعمري إلى أن القائمة المحلية تعزز جهود دولة الإمارات في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال المتابعة والتحديث المستمر والدقيق لكشف الأفراد والتنظيمات الإرهابية والمؤسسات الداعمة للإرهاب، مشيراً إلى أن التشريعات والقوانين الإماراتية تجرم ظاهرة الإرهاب والتطرف والترويج لها وحتى التعاطف مع حاملي الفكر والفعل الإرهابي.
نشاطات مشبوهة
يعتبر الباحث المتخصص في قضايا الإرهاب الدولي أحمد عطا، أن أهمية القرار تكمن في استغلال هذه الكيانات عمليات النهب الممنهج لثروات الشعب اليمني تحت غطاء شركات الصرافة التابعة للحوثي وجماعته؛ حيث تتم المضاربة بالأموال لصالح الاقتصاد الإيراني، مشيراً إلى أن هذه الشركات لعبت دوراً في توفير العملة الصعبة لإيران في ظل العقوبات الأمريكية.
وأضاف عطا أن هذا الأمر شبيه بما حدث في العراق، بوجود شركات للصرافة وتحويل الأموال تديرها طهران بشكل مباشر من خلال أنصارها، لافتاً إلى أن الشركات التي وضعتها الإمارات في قوائم الإرهاب هناك دلائل على أنشطتها المشبوهة ودورها في عمليات تهريب السلاح التي تصل إلى اليمن من أوروبا؛ بعمليات غير شرعية.
يلفت عطا إلى التعقيدات التي يتم اتباعها في هذه الشركات من أجل تغطية نشاطها في دعم الكيانات الإرهابية من خلال عمليات التحويل التي تتم من خلالها؛ باعتبار أنها تتم بين أفراد من دون الإشارة إلى هويتهم، مؤكداً أن أكثر الأنشطة التي تقوم هذه الشركات فيها بالتعامل بشكل غير مباشر، هي عائدات النفط الذي يتم تهريبه من شبوة بشكل رئيسي.
قرارات متزامنة
وجاء القرار الإماراتي بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة أنها وبالتنسيق مع شركائها في الخليج، قررت فرض عقوبات ضد شبكة دولية متهمة بتمويل جماعة “أنصار الله”، مؤكدةً أن العقوبات ضد أشخاص ينتمون إلى شبكة دولية متهمة بتمويل الحوثيين.
وأكدت واشنطن أن الشبكة، التي لم تسمِّها، تموِّل أنشطة الحوثيين وهجماتهم التي تهدد المدنيين والبنية التحتية في دول مجاورة، لافتةً إلى أن الشبكة التي يقودها “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، حولت عشرات الملايين من الدولارات إلى اليمن عبر شبكة دولية معقدة من الوسطاء لتمويل هجمات الحوثيين.
وقالت صحيفة “الاتحاد”، في افتتاحيتها، إن الخطوة الإماراتية المترافقة مع إعلان الولايات المتحدة فرضَ عقوبات على شبكة دولية تمول «الحوثيين» داخل وخارج اليمن، لا تجفف منابع الخطط العدوانية للميليشيات فحسب، وإنما توجه رسالة حزم مباشرة للتوقف عن الانتهاكات والعودة مجدداً إلى طريق التفاوض والحل السلمي، مؤكدةً ضرورة توقف الحوثيين عن التخريب في اليمن واتخاذ طريق الحل السياسي مخرجاً وحيداً لإنهاء الأزمة.
يقول محمد بهارون إن التزامن بين قرار الإمارات وقرار الولايات المتحدة يوضح أهمية تناغم الجهود المحلية والدولية وأهمية وجود توافق دولي على مكافحة تمويل الإرهاب.
يشدد عبدالعزيز المعمري، في ختام حديثه، على أهمية التأكيد أن الإرهاب تهديد أمني يهدد الدول والمجتمعات، وفي حالة التساهل معه سيزداد قوة وصعوداً، وبالتالي يزداد خطره ونطاقه الجغرافي.