المقدمة
في الوقت الذي تشتد فيه الصراعات الجيوسياسية وتتقاطع التحالفات وتُعاد كتابة خرائط النفوذ، تظهر أصوات فكرية جريئة تحاول تفكيك الخطاب السائد، ومن أبرز هذه الأصوات الكاتبة الصحفية إحسان الفقيه، التي قدمت رؤيتها الناقدة في مقالها “بطولاتنا التاريخية ليست منا”، الذي أثار تفاعلات واسعة في الأوساط الثقافية والسياسية الخليجية. تنتمي هذه المقالة إلى محور فكري حساس ضمن قسم شؤون خليجية، حيث تندرج القضايا المرتبطة بالهوية والانتماء والتاريخ والواقع السياسي في الخليج العربي.
الفهرس
-
نبذة عن إحسان الفقيه
-
تأملات في عنوان المقال: “بطولاتنا التاريخية ليست منا”
-
السياق السياسي والفكري في الخليج
-
الهوية الخليجية بين الأمجاد المستعارة والواقع
-
التفكيك الواعي للأساطير المؤسسة
-
ردة الفعل على المقال في شؤون خليجية
-
لماذا يجب إعادة قراءة التاريخ؟
-
الأبعاد السياسية لطرح إحسان الفقيه
-
هل بطولاتنا التاريخية فعلاً ليست منا؟
-
خاتمة
نبذة عن إحسان الفقيه
تُعد إحسان الفقيه من أبرز الكاتبات الصحفيات العربيات في السنوات الأخيرة، اشتهرت بمواقفها الفكرية الجريئة وانتقاداتها لعدد من السياسات الرسمية والظواهر الاجتماعية. تتناول مقالاتها ملفات شائكة، وتتصف بأسلوب تحليلي رصين، مما منحها مساحة مؤثرة في الساحة الإعلامية الخليجية. مقالها الأخير بعنوان “بطولاتنا التاريخية ليست منا” نُشر ضمن سياق شؤون خليجية، وهو يعكس بوضوح رؤيتها تجاه عملية تزييف التاريخ وصناعة البطولة الزائفة.
تأملات في عنوان المقال: “بطولاتنا التاريخية ليست منا”
يحمل العنوان بُعدًا صادمًا للوهلة الأولى. كيف يمكن للبطولات التي نعتز بها كأمم عربية وخليجية أن “لا تكون منا”؟ تتحدى إحسان الفقيه بهذا الطرح المألوف السائد في الكتب المدرسية والبرامج الوثائقية، وتفتح الباب أمام مراجعة جادة لمحتوى “الذاكرة الجمعية”. إنها تقول باختصار: ليست كل ما نرويه عن ماضينا مقدسًا، وبعض ما نعتبره مجدًا قد لا يعكس واقعنا الحقيقي.
السياق السياسي والفكري في الخليج
يأتي المقال في وقت بالغ الحساسية تمر فيه منطقة الخليج بتغيرات عميقة على مستويات عدة: السيادة الوطنية، العلاقات مع القوى الإقليمية، والتوازن بين المحافظة والتحديث. في ظل هذه المتغيرات، برزت الحاجة لمراجعة جذرية للخطاب التاريخي الذي لطالما استخدم كأداة سياسية لتثبيت شرعية الأنظمة أو تعزيز الهويات القُطرية.
الهوية الخليجية بين الأمجاد المستعارة والواقع
في قسم شؤون خليجية كثيرًا ما نُشر محتوى يناقش الهوية الخليجية، لكن قلة من الكاتبين استطاعوا أن يواجهوا السؤال المحرج: هل نحن أبناء تاريخ حقيقي صنعناه، أم أننا ورثة بطولات الآخرين؟ تشير إحسان الفقيه إلى أن بعض ما يُدرّس على أنه “بطولات خليجية” إما مبالغ فيه، أو مستورد من سياقات تاريخية لا تعكس روح المجتمع الخليجي الأصيل.
التفكيك الواعي للأساطير المؤسسة
تُظهر الكاتبة وعيًا نقديًا عاليًا في تعاطيها مع فكرة البطولة. فهي لا تهدم التاريخ، لكنها تُميز بين الأسطورة المؤسسة التي صيغت لأغراض سلطوية أو نفسية، وبين الحقيقة التاريخية التي غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا وأقل بريقًا. وهي بذلك تحرّض القارئ على أن يكون شريكًا في كشف الطبقات الزائفة من روايات “المجد” التي تراكمت لعقود.
ردة الفعل على المقال في شؤون خليجية
في الأوساط الفكرية الخليجية، أثار المقال ضجة. نُشر ضمن تصنيف شؤون خليجية، مما منحه زخماً إضافياً. بعض النخب رحّبت بجرأة الطرح، واعتبرته صحوة فكرية تفرضها طبيعة التحولات الراهنة، بينما اتهمها آخرون بأنها تقلل من قيمة رموز الأمة وتنتقص من تراثها. هذا الجدل يعكس بدوره الانقسام القائم حول مسألة الهوية التاريخية في الخليج.
لماذا يجب إعادة قراءة التاريخ؟
تؤكد إحسان الفقيه في مضمون مقالها على أن قراءة التاريخ بعيون ناقدة هي عملية ضرورية لفهم الحاضر واستشراف المستقبل. التاريخ، وفقًا لرؤيتها، ليس أداة تمجيد بل أداة فهم. لذلك، فإن الدعوة إلى إعادة تقييم البطولات المروية ليست شكًا في الماضي، بل بحثًا عن الحقيقة.
الأبعاد السياسية لطرح إحسان الفقيه
لا يمكن فصل هذا المقال عن الواقع السياسي الراهن. في ظل التقارب الخليجي الإسرائيلي، وتغير التموضع الإقليمي لبعض الدول الخليجية، بات من الضروري إعادة النظر في “سرديات الصراع” و”بطولات الماضي” التي لم تعد تتماشى مع ما يُراد اليوم من تحالفات جديدة. هذه المراجعة ليست فقط أكاديمية، بل لها أبعاد سياسية مباشرة تتعلق بتوجيه الرأي العام والتأثير على الوعي الجمعي.
هل بطولاتنا التاريخية فعلاً ليست منا؟
يظل هذا السؤال مفتوحًا. هل نحن صانعو التاريخ فعلاً؟ أم مجرد مستهلكين لروايات انتقيناها لتناسب تطلعاتنا؟ إجابة إحسان الفقيه واضحة: الكثير من “بطولاتنا” التي نعتز بها اليوم لم تكن يومًا نتاج شعوبنا ولا انعكاسًا لثقافتنا، بل فُرضت علينا عبر آليات السلطة والنخبة الثقافية. ولكن ذلك لا يمنع من وجود بطولات حقيقية صادقة صنعها رجال ونساء الخليج ممن لم يُنصفهم الإعلام ولا التاريخ الرسمي.
خاتمة
مقال “بطولاتنا التاريخية ليست منا” يُعد نقلة نوعية في الخطاب الفكري الخليجي. لا لأنه يشكك في التاريخ من أجل الشك، بل لأنه يسعى لبناء هوية حقيقية صادقة تستند إلى وقائع لا أوهام. ضمن تصنيف شؤون خليجية، يمثل هذا المقال دعوة مفتوحة لكل كاتب وصانع رأي وناشط سياسي أن يراجع الخطاب التاريخي، ويعيد تشكيله بما يتناسب مع الواقع، بعيدًا عن أسطرة الماضي أو تمجيد الزائف.
